فن ونجوم

لحظات في ترجمة السعادة

لحظات في ترجمة السعادة

لحظات في ترجمة السعادة

بقلم أ. سمية عبدالحليم السلفي 

لحظات في ترجمة السعادة

كانت بالنسبة لي هي المرة الأولى التي أقاسم فيها خالتي جزءاً من مشوار عملها الجميل فلقد كنت أسكن في شمال المملكة وهي في غربها حتى شاء الله لي الإنتقال والاستقرار بين أحضان الحجاز البهية…ولم تكن لي خبرة سابقة في نسيج خيوط الفن وابداعاتهم لكني أحب خالتي جداً ومن حبي لها رسمت في هذه الأيام لحظات من خطواتي بخطواتها فلقد كانت مشاركة في أول معرض يقام بالمدينة المنورة يجمع بين اروقته مجموعة كبيرة من فنانينه …

لا أعلم كيف سأترجم مشاعري وأنا بقربها وهي تستعد للذهاب لافتتاحية المعرض،كنت أرى لوحاتها على صفحاتها فقط لكني اليوم أتهيأ لأن التقط صورة بالقرب منها وهي تزين جدران المعرض …

لم أسألها عما رسمت لأني أردت أن أرتشف الفن ارتشافاً ككوب قهوة بمذاقٍ أصيل ..

فأنا هنا سأتحدث عن شعور من السعادة واقتباس من فلسفتها التي يبحث عنها الكثيرون وخفاياها الجلية التي يتسابق لها الناس بلهفة ويظنون الظنون بأوهامها وهواجسها ومكامنها …

السعادة ايها السادة رأيتها في لوحة فنان يخطف ألوانه ويمزجها بكل حب يقترب تارة من لوحته ويمعن النظر بها ويهمس لها شيئاً لن نفهمه نحن!! وتارة يبتعد عنها ويمد خيوط الود بينهما فيلتف يميناً ويساراً ليطمئن على اتزان خطوطها ….

كنت أراقب الفنانين وهم يغزلون نسيج الحب ليخرجوا لنا رداءاً جميلاً .

وأنا الغارقة في بحور التأمل والانبهار فأنا لا أجيد شيئاً من لغتهم سوى ترجمتها بالحرف العربي ونقل مشاعرهم لكم لتعيشوا سعادتهم التي مازجت أفق السماء روعة.

دخلت المعرض وأطلقت عنان بصري سابحاً في آفاقه ،لم أشأ أن أسأل خالتي عن مكان لوحتها لأني أريد أن أختبر نفسي في اكتشافها ،سرت ببطء وأنا أنتقل من لوحة لأخرى ..تلك تحمل اتزاناً جميلاً بدقة متناهية وأخرى انسكبت فيها الألوان بعشوائية غير مفهومة لشخصٍ مثلي، وأخرى حملت الرسامة خيوط الكروشيه لتخيط وردها فتبرزه …إنها المعاني العميقة للشعور بالسعادة .

قطعت مشواراً ليس بالقصير لأكتشف بأني دخلت المعرض من بوابته الخلفية ..ففي تلك الزاوية الأمامية تقع الساقية بمياهها الرقراقة وتلك البلاد (البستان)التي كنا نرتع فيها فرحاً وطرباً ..جذبني الجمال فهرولت لتلك الزاوية لأكتشف بأنها رسومات خالتي الحبيبة ..زقزقة العصافير ولون شمس العصرية والمياه الرقراقة ..لاأعلم كم ظللت من الوقت وأنا أطوف في بحر الذكريات ترى في أي بقعة من هذا الجمال كانت ترتسم طفولتها وفي أي زاوية هي تسمع صوت سيدي ونداء ستي لها (رحمهما الله ) وتبادل اكواب الشاي المديني وضحكات خالاتي.. حقاُ إن الحياة كتاب تتهاوى كلماته خلوداً تذكارياً وإن المجتمع تكاملاُ يتجلى جماله في توازنه ..أنا هنا أترجم لوحة بكلمة وهي تعيش ذكرياتها بألوانٍ جميلة لا أجيدها ..وكلٌ منا يشعر بالسعادة لذاته فيترجمها بصفاء نيته ؛إنها تكاملية الحياة التي أودعها الله في خلقه ولله في خلقه شؤون ..

همسة اخيرة من عمق فؤادي ..

أرسم سعادتك بروحك أيا كانت امكانياتك ..بسمة راقية؛ كلمة بهية؛حزن يمزجه صبر وتفاؤل نعم إنه سعادة فلا تتعجب عزيزي القارئ بأن الحزن قد يكون سعادة إذا زينته بهية الصبر والتفاؤل وأخرجت منه لوحة فنانٍ آمل ؛أو شطر شاعرٍ حالم؛أو تحفة نحاتٍ بارع ؛أو مقالة كاتب صادق .

بقلم :ا/سمية عبدالحليم السلفي

لحظات في ترجمة السعادة

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى