مقالات ووجهات نظر

نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار 

نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار 

نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار

الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، إن أكثر ما شاع في روايات السيرة النبوية في الهجرة النبوية قصة نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار، فهل وردت أخبار صحيحة حول قصة العنكبوت والحمامتين في غار ثور ؟ فقد روى الإمام أحمد رضي الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالي ” وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ” قال ” تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه، وقال بعضهم بل أخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك، فبات الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة.

فلما رأوا الإمام علي ردّ الله مكرهم، فقالوا أين صاحبك هذا؟ قال لا أدري، فإقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسيج العنكبوت، فقالوا لو دخل ههنا لم يكن نسيج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال” وقال الشيخ الألباني رحمه الله بعد أن ضعّف الحديث ” ثم إن الآية المتقدمة ” وأيده بجنود لم تروها” فيها ما يؤكد ضعف الحديث لأنها صريحة بأن النصر والتأييد إنما كان بجنود لا ترى، والحديث يثبت أن نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت، وهو مما يُرى، فتأمل والأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة، وليس العنكبوت ولا الحمامتين، ولذلك قال البغوي في تفسيره للآية وهم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته، ومن ضعّف قصة العنكبوت والحمامتين.

“أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان ليلة بات في الغار أمر الله تبارك وتعالى شجرة فنبتت في وجه الغار، وأمر، العنكبوت فنسجت على وجه الغار، وأمر، حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، وأتى المشركون من كل فجّ، وتقدم رجل منهم فنظر فرأى الحمامتين فرجع فقال لأصحابه ليس في الغار شيء، رأيت حمامتين على فم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله فعلم أن الله تبارك وتعالى قد درأ بهما عنه، فسمّت ” دعا بالخير والبركة” عليهما وفرض جزاءهما، وإتخذ في حرم الله تبارك وتعالى فرخين أحسبه قال فأصل كل حمام في الحرم من فراخهما” وقال أبو تراب الظاهري “وقد ورد أن حمامتين وحشيتين عششتا على بابه، وأن شجرة نبتت، وكل ذلك فيه غرابة ونكارة من حيث الرواية وفي رواية فيها غرابة ونكارة أن الحمامتين أفرختا.

وأن حمام الحرم المكي من نسل تلك الحمامتين، وكل ذلك بأسانيد واهية، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمة الله معلقا على قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه “لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا ” وفيه دليل على أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة، فما يوجد في بعض التواريخ أن العنكبوت نسجت على باب الغار، وأنه نبت فيه شجرة، وأنه كان على غصنها حمامة، وكل هذا لا صحة له لأن الذي منع المشركين من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه ليست أمورا حسية تكون لهما ولغيرهما بل هي أمور معنوية وآية من آيات الله عز وجل” وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في موضع آخر “ما كان عش كما يقولون، ولا حمامة وقعت على الغار، ولا شجرة نبتت على فم الغار، ما كان إلا عناية الله عز وجل لأن الله معهما ”

وأورد الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة حديثا عزاه إلى مسند الفردوس للديلمي وهو “جزى الله تعالي العنكبوت عنا خيرا فإنها نسجت علي وعليك يا أبا بكر في الغار، حتى لم يرنا المشركون، ولم يصلوا إلينا” وقال رحمه الله عن الحديث منكر، ثم ختم كلامه بقوله “وأعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار والحمامتين على كثرة ما يُذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ فأسكني أحب البلاد إليك” فأسكنه الله المدينة ” ولكنه موضوع، فقد ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة ” وسئل شيخ الإِسلام رحمه الله عن هذا الحديث فقال “هذا حديث باطل كذب”.

 

نسيج العنكبوت والحمامتين في الغار

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى