مقالات ووجهات نظر

الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا 

الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا  

الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا

اليوم : السبت الموافق 7 سبتمبر 2024

الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، أما بعد إن الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا لم يجمع على نفسه بين ضيقها وفقرها، وبين فقر القلب وحسرته وحزنه، بل كما يسعى لتحصيل الرزق فليسع لراحة القلب، وسكونه وطمأنينته، والقناعة هي أحد الأسباب لتحقيق ذلك، فبسببها يكون المسلم راضيا برزقه، منشرح الصدر والبال، لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسل ” اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة لي بخير ” وأنه ليس معنى القناعة والكفاف أن يلازم الإنسان بيته ويقعد عن طلب الرزق، ويقول إنني راضٍ بحالي.

بل عليه أن يسعى بجد وإجتهاد في طلب الرزق، وكذلك إستجابة لقوله تعالى ” فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه” وخوفا من الإثم المشار إليه في قول النبي صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت” وكما أنه لا يفهم من الحديث ذم الغنى أو مدح الفقر، وقد أشار الإمام المناوي إلى أن صاحب الحالة التي أشار اليها الحديث الشريف معدود من الفقراء لأنه لا يترفه في طيبات الدنيا بل يجاهد نفسه في الصبر على القدر الزائد على الكفاف، فلم يفته من حال الفقراء إلا السلامة من قهر الرجال وذل المسألة، وإن لكل فلاح أبواب، ولكل صلاح أرباب، ولكل نجاح أسباب، فإن هناك آية عظيمة، تحدثنا عن أربعة أسباب أساسية للنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، الركوع، والسجود، وعبادة الله، ثم فعل الخيرات، فقال تعالى في سورة الحج.

” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” فإنه الخير المطلق، والجهاد المتواصل، والرباط المستمر، ليبقى الإنسان في حفظ خالقه، وتوفيق رازقه، وعناية واجده وسيده، يهديه ويرشده، يعينه ويسدده، لا تضييق ولا خناق، لا محاربة ولا مجاذبة، المهم أن تفعل الخير من أي أبوابه شئت، كيف؟ ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دُعي من أبواب الجنة يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان” فقال أبو بكر ما على هذا الذي يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟

قال “نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر” وفي رواية ابن حبان “وأنت هو يا أبا بكر” فإن طرق الخير كثيرة، وسبل البر وفيرة، وأبواب العمل الصالح مشرعة، وقد قال أهل العلم إن أعمال البر لا تفتح كلها للإنسان الواحد في الغالب، إن فتح له في شيء منها لم يكن له في غيرها، وقد يفتح لقليل من الناس أبواب متعددة، إنه فعل الخير هكذا على إطلاقه، والخير هو كل ما حث الشرع على فعله، مما يجعل النفس مشرقة، والروح متألقة، حين تسمو إنسانيته، وترقى أخلاقه، ويقوم بدوره تجاه الرحمن، فيسمو بالقرآن، ويرقى بالإيمان، ويعلو بالإحسان، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من القائمين بحقوق إخواننا، ونسأله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا ويصلح ذات بيننا، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحازم إذا ضاقت عليه الدنيا

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى