نحن لسنا بشر فى رحلة روحانية ،، نحن أرواح فى رحلة بشرية
بقلم: محمود جلال
نحن لسنا بشر فى رحلة روحانية ،، نحن أرواح فى رحلة بشرية
= من منا لا يتذكر منظر الشمس ونحن نستقبلها طالعة ونودعها غاربة ، والقمر وهو يشرف علينا من علياء سمائه ويرسل إلينا أشعته الفضية البيضاء ، أو مقعد نجلس عليه بين الظل والماء صامتين تتحدث عنده قلوبنا بما تمسك عنه ألسنتنا ، وبودنا أن لو إستمر بنا المسير أبد الدهر إلى دار الخلود.،
– لــكن مــاذا لــو :
– مررنا مرة فى حياتنا بإمرأة جاثية على قبر زوجها تندبه وتبكيه أحر بكاء وأشجاه ، لأنها كانت تحبه حبا جما ، ولأنه تركها فى ريعان شبابها فقيرة معدمة ، وترك لها أطفالا صغارا لا حول لهم فى الحياة ولا قوة .،
– أو رأينا فى طريقنا فتاه فقيرة هائمة على وجهها تبكى وتنتحب وتسأل الغادين والرائحين أن يمنحوها جنيها واحدا تبتاع به دواءا لأخيها الصغير المريض الذى لاسند له غيرها ولا عائل له سواها .،
– أو مررنا بضفة نهر فرأينا إمرأة واقفة به تعول وتصيح وتستصرخ الناس لوحيدها الذى يغرق فى النهر أمامها ، فلا تجد من يعينها عليه حتى سقط سقطة لم يطف من بعدها ، فجن جنونها وإندفعت وراءه بثيابها ، فطواهما البحر معا فى لحظة واحدة .،
– أو سمعنا بقصة ذلك الشيخ المسكين الذى دخلوا عليه منزله وهو جاث بجانب زوجته المحتضرة وإبنته المريضة ليأخذوه إلى السجن لأنه كان قد سرق من أجلهما بالأمس رغيفا ، فسألهم أن يمهلوه ساعة واحدة حتى يرى مايصنع القضاء بعليلته ، فأبوا ذلك عليه ، فعظمت عليه النازلة فذهبت بعقله ، فعدلوا به عن طريق السجن إلى طريق المستشفى .،
– أو سمعنا بقصة ذلك الرجل الذى ضل فى صحراء مقفرة ، فإشتد به العطش وهام على وجهه فى كل مكان يطلب الماء فلايجده حتى أعياه الجهد وعجز عن المسير ، ثم لمح على البعد صفحة ماء تترقرق فمازال يزحف على ركبتيه إليها حتى إذا داناها ولم يبق بينه وبينها إلا خطوة واحدة سقط من دونها ميتا .،
* إن كنا قد سمعنا بخبر هؤلاء المنكوبين ، وسمعنا أنين المعذبين ، وصراخ المرضى فى المستشفيات ، وضحك المجانين ، فإعلموا أن من لايجد فى نفسه مكان لجمال الكائنات وحقائق الموجودات فهو أشقى من هؤلاء جميعا ، وأولى منهم برحمة الله وإشفاقه وعطفه وحنانه .،
” لأننا لسنا بشر فى رحلة روحانية ، بل نحن أرواح فى رحلة بشرية “.
نحن لسنا بشر فى رحلة روحانية ،، نحن أرواح فى رحلة بشرية
