مقالات ووجهات نظر

العَلاقَة الغامِضة بينَ إسرائيل وإيران

محمد محمود عبيد

لا شَرق أوسَط بدون إسرائيل وإيران النازيون الجُدُدْ والشَيطان الأكْبر الَّذي يَقوم بدَورِ المُخْرِجْ والمُمَثّل في آنٍ واحِد والمَسرحية العِدائية بينَ النازيون الثلاثَة، ومن رسائِلِها الهزلية التي أستَنبِطُها أنَّ الخصوم مُلتَزِمون بقواعدِ الاِشْتِبَاك والسلاح المُحدد والأماكن المَسموح استهدافها والتوقيت؛ لِحفظِ ماء الوَجه أمام شعوبهم، ولكن هَذِه العَلاقة الحَميمة بينهم لَيْسَت من اليومِ فَحَسْب…

*بداية التحالف*…

تَبْدَأُ العلاقة بينَ النازيون الجُدد عِندما قَضَىٰ “نبوخـذ نصـر الثاني” عَلـىٰ مَمْلَكـة يهـوذا، وسـبى سُـكَّانها إلـىٰ “بابِـل” بِالعراق عـام 597 قَبلَ الميلاد، وبعد السبي بِسَنَوات عِدَّة قامَتْ حَرْب بينَ البابليين والفُرْس بقيادَة المَلِكْ “كورش” وسَاعَدَ اليَهود مَلِك الفُرْس وانتَصَروا عَلىٰ البَابليين وكافَئهم “كورش” بعوتهم لِفَلَسْطين وإقَامة دَوْلَتهم وحِمَايتهم، وَمِنهُم مَنْ عادَ مَعه إلىٰ إيران ومنذُ هَذِهِ الحَرب إلىٰ يَوْمِنا هَذا يُلَقّبه اليهود “بكورش المخلص”.

*العلاقة بعدَ الفَتح الإسْلامي لبلادِ فَارِسْ*…
وفي القرنِ الثالِث الهِجْري نَشَأت الدَّوْلَة البويهية الإثْنىٰ عَشر بإيران وَكَانَت تقدم اليَهود في مواكِبِهم وحفَلاتِهم بشكلٍ عَام وبعْدَها الدولة الصفوية ولكنَّها لا تَعتَرِف إلَّا بِأصّحابِ المَذهَب فقط وتكفره اليَهود، وبَعْدَها الدولة الأفشارية لِيَعود وضعهم الاجتماعي بإيران وبعدَها الدوْلَة القاجرية وَكانَ الاهْتِمام باليَهود أقَل، وَعِنْدَما سَقَطَتْ الدوْلَة القاجرية أوائل القَرْن العِشْرين وحكم إيران شاه “رِضا بهلوي” وقَامَ بتَحْسين وضعهم الاِجْتِماعي والاِقْتصادي وبِنَاء المَعَابد لَهُم، وبعدَ عَزْل الشاه “رِضا بهلوي” تَوَلَّىٰ ابنه “محمد رضا” وكَانَ عَهده من أفْضَلِ عُهود اليهود اِزْدِهَارَاً، وبعدَ سُقوط “محمد رضا بهلوي” عام 79 أتَت الدوْلَة الخمينية الَّتي أَظْهَرَتْ عَدَاوَتها المُعْلَنَة المَزْعُومة لإسرائيل.

*التَّعاون الاقتصادي والعَسكَري بينَ إيران وإسرائيل لَنْ يَتَوَقَّفْ*…
وفي عام 1982 أقَرَّ رَئيس الوُزَراء آنذاك “مناحم بينجن” أنَّ إسرائيل كانَتْ تَمُدَّ إيران بسلاح؛ بهدف إضْعَاف “صدام حسين” وَسُقوط العِراق. الأمْر الَّذي لا تنكره طهران، حِينَها تَمَّ كَشْفْ علاقتهم أكثَر من خلالِ عَمَلية “إيران كونترا” الاِسم الصَحَفي الَّذي كَشَفَ عملية شِراء إيران أَسْلِحة مِن إسرائيل إبَّان الحَرب العِراقية الإيرانية. سرَّب هَذِهِ المَعلومات “مهدي هاشم” لمجلة “الشراع العراقية” وأَعْدَمَهُ “الخميني” بتمهة الفَساد وعملية أُخرىٰ كانَ مُهندِسها “صادق طبطباني” أحد أقرباء الخميني وتمَّ حُصُول إيران عَلىٰ 1500 صاروخ، أمَّا صَحِيفة “هارتس” فقَد أورَدَت تَقريراً داخلياً لوزارة الدِفاع الإسرائيلي أوْضَحَت فيهِ أنَّ إسرائيل حافَظَت علىٰ عِلاقات صِناعية عسكرية مَعَ إيران تمَّ بموجَبها تَزْويد إيران ب58 ألف قِناع مُضَاد للمَواد السَّامة وأسلِحة أُخرىٰ مِن شَركةِ “شانون” مُقابِل البِترول والتعاون الغِذائي والزِراعي بينَهم سِراً وفي عامِ 1981 يومها أَخْطَأَتْ الدِفَاعات السوڨيتية لتفضَح سِر العلاقة، فقد أسقَطَت طائرة أرچنتينية كانَتْ تَنقِل السِلاح وَقِطَع الغَيار من إسرائيل لإيران بَل التعاون بينهم وصل إلىٰ إرسال إسرائيل مُستَشارِين ومُدَرّبين للجَيش الإيراني إبَّان حربهم ضِد العِراق وَلِتَكون الحجة بالأرقام. تَقول صَحيفة “يدعوت أحرنوت” عَام 2015 أنَّ حَجم الاستِثمَارات الإسرائيلية في طهران تَصِل إلىٰ 30 مليار دولار كَما أنَّ 200 شَرِكَة إسرائيلية تُقِيم علاقات تُجارية مع إيران.

*وَجْه التشابه بينَ إيران وإسرائيل*…
فكِلاهما يُوَاجِه مُعضِلة استراتيچية فَكلٌ مِنهم لَدَيه شُعور بالتفوُّق العَسكري علىٰ دِوَلِ الجوار العَربي ولكِلاهما لُغَة مُختَلِفة عن دولِ الجوار مِمّا يُسَبّبْ عُزلَة ثَقافية وكُره للعرب، وكَما تَتَوسَّع إسرائيل وتقمع وتَقتِل وتحتَل فلسطين الَّتي تَصِل مِساحَتها إلىٰ 21 ألف كيلو متر، بينَما تَحتَل إيران الأحواز العَرَبية المَلِيئة بالبِترول وتَصِل مِساحتها إلىٰ 340 ألف كيلو متر وتقمع وتقتل أهلها المُعَارِضون للفُرس، وأيْضَاً تَحتَل إيران جُزُر الإمارات الثلاث وَهُم طنب الكبرىٰ، وأبو موسىٰ، وطنب الصغرىٰ. هَل اكتَفَت طهران بإحتلالهم؟ بل تَتَوَسَّع وَتُريد أنْ تَصِل إلىٰ مَشروعها الخمسيني لإعادَة الاِمبراطورية الفارسية كما قال “علي يونسي” مُستَشار الرئيس الإيراني وروحاني رددها مِنْ قَبلِهِ أنَّ المَنطِقة تابِعة لإيران وَبَغداد مَركز حَضارَتها كَما كَانَ بالسابِق، والشُعوب المُجاورة هُم بالأصل إيرانيين، وصرَّحَ بعض مَسئولين طهران ومُعَمميهم بِنَجاح مَشروعهم بدِوَل عِدَّة مِثل اِحتلال أجْزاء مِن اليَمَن وسوريا ولبنان والعِراق وَنَهب ثَرَواتهم والسَيْطَرة عَلىٰ المَواقعِ الإستراتيچية، وهذا بِدَعم الإخوة في الدم *إسرائيل وأمريكا* بطُرُق مُختَلِفة، وسِهام طهران الآن اِتجاه السعودية، وَأُثبِتَ ذَلِك مِن خِلَالِ تَصريح “مهدي” المُهَنْدِس الَّذي أُغتيلَ مَعَ “قاسم سليماني” عِندَما سألَه المُراسل: سَتَنال الشهادة بَعد تَدمير إسرائيل؟ فَرَدَّ عَلَيه: لا، عِندَما نُدَمِّرَ الرياض. وَكَانَت بِداية الحَرب طَريق حرير وميناء عمان كانَ أوَّلَ ضَرَبات للسعودية مَع تَهْديدَات “الحوثي” وَرَد المَمْلَكة بعاصفة الحزم كانَ سبباً في فَشَلِ مُخَطَّطْ إيران.

*إخوة في الدم*…
رئيس إسرائيل “موشيه كتساف” إيراني الأصل ووزير دِفاع الصهاينة “شاؤول موفاز” أيْضَاً إيراني ورِجال الدين “الحاخام” إيرانيين الأصل ويتَّبِعوا يَهود “أصفهان” بإيران، الَّذي تَحَدَّثَ عَنهم النبي صلَّ اللهُ عَليهِ وسَلَّم فلا عَجَب بِوجُودِ كَنائِس ومَعَابِد بطهران ويمنع بِناء مَسجِد للسنة وَهَذا ما صرح به يغير طهران بالكويت بَل وصلت العلاقة إلىٰ أن يبث من داخلِ “تل أبيب” 6 قَنوات لمعممين إيران الشيعة لتحرير القُدس وتَعليم المُسلِمين دينهم وَهَذا ما أوضَحه مَوقِع “سات آج” المُتَخَصّصْ في الأقمارِ الصناعية وأوضَحَ أسماء القنوات أيضاً.

*مسرحية الرَد الإيراني علىٰ الكَيان الصهيوني*…
لَوْ عُدنا بالزَمن لنعلم كيفَ يكون الرَد الحقيقي مِن المزيفِ في عامِ 1991 عِندما رد “صدام حسين” علىٰ سِياساتِ أمريكا وضرب عُمق إسرائيل ب39 صاروخ ما أسفَرَ عن مقتلِ 74 قتيلاً و230 جريحاً ودمار نَحو 7400 شقَّة سكَنيَّة وأضرار في 223 محلاً تجارياً وتَدمير 50 سيارة ومبنىٰ عام، بينَما رد إيران العَبثي عَلىٰ واقِعَتَي مَقتَل “قاسم سليماني” وضرب سِفارَتهم بسوريا واغتيال “إسماعيل هنية” لَنْ يَصِل صاروخ واحد من مئاتِ الصواريخ والمسيرات إلىٰ قلبِ إسرائيل ولَنْ يُصاب إلا مباني مُخطَط لها أن تُضرَب؛ لحفظ ماء الوَجه برغم قُرب مليشيات طهران مع حدودِ إسرائيل ولكِن الأمر لا يوجد به عِداء بينهم بَلْ مَسرحية هزلية فضحها “د- تريتا بارزي” في كتابِهِ “التحالُف الغادِر بين إسرائيل وإيران” ورئيس وُزَراء بريطانيا من قبلِهِ وفضح هَذِهِ العلاقة جَهراً “ترامب” عِندَما قال: إيران طلبت مِنَّا إطلاق صَواريخ بجوار قوَاعِدنا بالعِراق لحفظ ماء الوجه وكأنه نوع من الردِ علىٰ إسرائيل. المسرحية قديمة عِندما يتم ضرب النَوَوي بالعِراق وسوريا ولن يضربوا النَوَوي بطهران وعِندَما تفرض أمريكا العُقُوبات الاِقتصادية علىٰ إيران ظاهراً أمام العامة ولكِن حقيقة ما يتم عَكس ما يُعلَن فأمريكا لَنْ تَستَطيع ضَرب السُّنة بأفغانستان بمدينتي “تورا بورا، وكابل” إلَّا مِن خلالِ الغطاء الجوِّي الإيراني وبِدون شيعة إيران بالعِراق لَنْ تَستَطيع أمريكا غَزْو العِراق وبدون إسرائيل لَنْ تَستَطيع إيران اِحتلال المُدُن العَرَبية وتَقسيم ثرواتها بينهم كَمَا يَحدُث بالعِراق واليَمَن ولبنان وسوريا.

هَل مازَال بعض الجِهال المُغيَّبين عن واقِعِنا وتَاريخنا القَديم والمُعاصِر يَظُن أحَدهم بوجُود عِداء حقيقي بين إيران وإسرائيل وأمريكا النازيون الجدد؟ مَتىٰ نَفيق من غَفلَتِنا وتَأخُرِنا الفِكري والثَقَافي والديني؟
بعدَما تَعود إمبراطورية فَارس الَّتي ستحتل وتنكل بكل بلاد العَرَب وتَنشُر التَّشَيُّع والبِدَع والكُفر فيها! بعدها سَنعلَم أنَّ إسرائيل وإيران وَجهان لِعُملة واحِدة وهَدَف كل مِنهما اِحتلال المَنطقة بإظهار العِداء بينهم وهُم النازيون وإخوة في الدم مما فَعَلوه في المنطِقةِ وخاصةً المذهَب السُني.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى