رسالة إلى صديقى المتحير ( الجزء الثانى)

رسالة إلى صديقى المتحير ( الجزء الثانى)

رسالة إلى صديقى المتحير ( الجزء الثانى)

بقلم /أحمد الجرف

فى هذا الجزء سأبدأ من حيث إنتهيت معك يا صديقى فى الجزأ الاول من حديثنا .

وقد وقفت معك يا صديقى على أرض صلبة من القناعات الأصيلة فى النفوس وهى المعتقد والعلاقة مع الخالق وكيف أنها علاقة حب لا يشوبها الضغينة ولا التصيد للأخطاء ولا التفنن فى التعذيب كما تصورها بعض النظريات لبعض مسطحى الثقافة من نقلة العلم الدينى .

حتى أكون منصفاً اقول إنهم قلة يبدعون فى طرق الترهيب من أجل الطاعة لله بدلأً من التحفيز والترغيب فى العلاقة بين العبد وربه .

وقفت معك يا صديقى على أن العلاقة هى علاقة حب بين مخلوق خلق بعناية الله القادر فى الجنة واُعطى من روح الله وكتب لة المغفرة والرحمة فى أبهى الصور. اليوم نبدأ مرحلة جديدة بعد أن وقفنا على تلك الأرض الصلبة .

مرحلة أين أنا فى هذا الكون ؟

لا تعتبر سؤالى جدلياُ أو إستعراضاً .هو سؤال حقيقي ؟ انت فى هذا الكون صاحب رسالة تؤديها لفترة من الزمن ثم سترحل لا محالة الى حياة جديدة فأنت لم تخلق للفناء .إنما للخلود فى حياة أخرى (خالدين فيها ). اذا لماذا جئت اصلا ؟ وما هى الرسالة والدور المنوط بى ؟ وماذا اذا لم أُوأدى هذا

الدور ؟ وما هى المكافئة لو اديته ؟

دعنا نبدأ من نقطه أين أنا ؟

انت على بقعة معينة من الأرض لم تختارها وإسم لم تختاره وأبوين لم تختارهما ومجتمع لم تختاره. تلك هى المعطيات .

فأين المسالة والرسالة ؟ المسألة والرسالة أنك بهذة المعطيات يا صديقى ستعبد الله طوعاً وتعمر فى الكون بما إستطعت من تلك المعطيات .لا يطلب منك أن تحقق أهدافاً أكثر من معطياتك فارفق بنفسك .دعنى اشرحها لك ؟

لا يُطلب منك أن تتصدق من المال وأنت فقير .ولكن لك نفس الثواب والأجر لو تبسمت بوجه أخيك في رواية الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‌تَبَسُّمُكَ ‌فِي ‌وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ .صدق رسول الله …

 ولا يُطلب منك أن تذهب الى البيت الحرام يومياً ولا سنوياً وأنت لست ممن يسكن بجوار الحرم فى رواية الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله:

حدَّثنا يزيدُ بن هارون: حدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ، فَحُجُّوا، فَقَالَ رجلٌ: أكل عامٍ يا رسول الله؟ فسكت، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهِ نَحْوَهُ.

.اذاً الاجابة أن أعمل فى حدود تلك المعطيات .ثم إن لك مدة من العمر لا يسجل لك أو عليك حتى تتمرس على إستخدام تلك المعطيات وهذة مسؤلية الأبوين والمجتمع

حتى تصير فى وضع الجاهزية لحمل تلك المسؤلية . عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبي حتى يَحْتَلِمَ، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ”. [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه

نجيب عن التساؤل الثانى لماذا جئت أصلاً اذا كانت النهاية محسومة ؟

جئت الى هذا الكون بارادة الله الخالق وتدبيرة وعنايتة لتعبده طواعية قال الله ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الاية (56)سورة الزاريات.

  وفى هذا أنت تملك دعم الله من تسخير للكون بأكملة لتلك المهمة ورعايته لك وقول الله تبارك وتعالى ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )

أي :للعبد ملائكة يتعاقبون عليه ، حرس بالليل وحرس بالنهار ، يحفظونه من الأسواء والحادثات ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ،

وقوله ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) من شمس وقمر ونجوم ( وَمَا فِي الأرْضِ ) من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم

( جَمِيعًا مِنْهُ ). الاية (13) سورة الجاثية والايات كثيرة وداعمة .

ماذا لو اديت دورى .ستكافئ فى النهاية بالراحة النفسية فى الدنيا والجنة فى الاخرة . فلست مخلوقاً لتفنى

.إنما لتبقى بعد رحلة الإنتقال من الدنيا الى عالم جديد حسم أمره إما الى جنة وإما الى نار .كيف أعد نفسي لآداء ذلك الدور ؟

اولاً لك العديد من الدوائر أنت مركزها ومحورها بلا منازع نبدأ بدراسة معطياتك الشخصية ومحيطك اليوم سنتحدث عن أمرين أساسيين

.أنت ومجتمعك مكون من نقطة الذات والدائرة الصفرية ومجموعه من الدوائر التى تشكل محيط حياتك وأمور انطلاقك لأداء تلك الرسالة.

دعنا نبحر فى فهم نقطة الذات والدائرة الصفرية اليوم حتى لا أثقل عليك .

نقطة الذات وهى أنت بلا أى علاقات أو تفاعل أو مساعدة أو دعم وهى نقطة هامة جداً لا تعمل منفردة ولا تؤدى دوراً وحدها ولكنها مركز ثقلك .

هى أنت بمعلوماتك بقراءاتك بعقلك بعلمك بأخلاقك بنزواتك أيضا وجانبك الطيب والشرير . بقناعاتك التى تحدثت عنها وعلاقتك بالخالق،

وفهم تلك العلاقة والأساس فيها أن تقف على قاعدة الفهم الصحيح لطبيعة تلك العلاقة حتى نخرج من الحيرة الى اليقين وأنصحك وأنصح نفسي بتنمية ذاتك بالمعارف والعلوم والثقافات فإحرص عليها لانها ظلك وسندك .

من نقطة الذات التى هى أنت ونفسك المطمئنة الواعية ننطلق لمرحلة أخرى أسميها الدائرة الصفرية .هى دائرة أساسية فى حياتك

لا يمكن لك أن تكون شيئا هاما بدونها وعى علاقات اصيلة فى حياتك لا يمكن الإستغناء عنها الا أنها لا تضيف لك ميزة مباشرة عن غيرك ولكنها أساسية فى الحياه .

كعلاقتك بوالديك لا تعطيك ميزة ظاهرة .فكل الناس لديهم أبوين ولست متفرداً ..علاقاتك باخوتك برئيسك فى العمل وبالجيران ..

كلها علاقات صفرية أساسية قد لا تضيف لك شيئا مميزا ظاهريا ويظهر أنها طبيعية تلقائية .ولكن دعنى أقول لك انها أهم وأغلى وأصلب علاقات فى حياتك كلها .

بانتظامها يكون الإتزان .وبها تنال رضا الله فى الحياة الدنيا والآخرة وهى داعم حقيقي ومؤثر لنقطة الذات (أنت) ..

كيف أتحرك فى تلك الدائرة ااستفادة منها وكيف تكون داعمة لى فى رحلتى الى الله لأننا ببساطة فى رحلة مباشرة للعودة الى الله

( واتقوا يوما ترجعون فية الى الله ) سيكون هذا موضوع نقاشنا القادم يا صديقى ..وللحديث بقية

رسالة إلى صديقى المتحير ( الجزء الثانى)

 

 1,036 إجمالي المشاهدات

عن احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

شاهد أيضاً

غاوي علم: “العادات الذرية” بقلم: د. ثناء خلف الله العمدة

غاوي علم: “العادات الذرية” بقلم: د. ثناء خلف الله العمدة رحلة نحو التغيير الإيجابي مؤخراً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: