مقال في حدوته. عباية سمرا

بقلم/ هشام سطوحى

كان يعمل في شركة سياحة وأثناء تجوله في إحدى شوارع القاهرة المشهورة ومعه ضيف يرتدى ملابس خليجيه .. طلب منه الضيف الوقوف أمام محل معين يشترى هدية لزوجته.
تركه بطلنا يدخل المحل بمفرده لربما يحتاج شراء شئ خاص .
وأثناء انتظاره خارج المحل أقتربت منه سيدة في العشرينات ترتدى عباية سمراء واضح عليها أنها تعمل كفتاة ليل التى نراها في شوارع معينه ذوات العبايات السوداء .
وبأسلوب لا يخلو من المياصة تلقي عليه التحيه و تخبره أنها رأته برفقة رجل عربي .. فنظر لها بطلنا نظرة لها مغزى معناها هاتى ما عندك ؟!.
فراحت تخبره أنها تريد أن يرتب لها مقابلة مع الضيف وأنها مستعدة أن تدفع له نصف ما ستأخذه .
بأستدراج يسألها وكم تتقاضي نظير الليلة الواحدة ؟؟!.
بحماس وسعادة وكأنها نجحت في أختيار الشخص الصحيح .. تخبره في العادى أتقاضى 1000 جنيه في الليلة وربما أكثر.
وبنفس أسلوب الأستدراج يسألها وكم عدد الليالى تقريبا التى تعملين فيها في الشهر الواحد ؟؟.
برغم دهشتها من أسالته أخبرته أنها تعمل حوالى عشرين يوم تقريباً في الشهر .
وهو مصمم على طريقته يسألها ومنذ كام عام وانتى تعملين في هذه المهنه ؟؟.
وبدا عليها الضيق ولكن تخبره منذ خمس أعوام .
وبأسلوب عقلانى مرتب يخبرها .. معنى كلامك أنك تكسبين في العام الواحد مايقارب لربع مليون جنيه .. وبالتالى في الخمس سنوات كسبتى من هذه المهنه أكثر من مليون جنيه .
فكم تبقي منهم معك الآن وماذا فعلتى بالباقي .. هل أشتريتى عقارات مثلا ذهب ربما ؟؟ .
نرى الفتاة وكأنها تفاجأت من الرقم .. ولكن راحت تخفي صدمتها بهجوم عليه .. وتخبره هذا ليس من شأنك وهل أنت مصلح أجتماعى ؟!.
بهدوء يخبرها انا لست مصلح اجتماعى ولا حتى رجل دين ولكن الدنيا علمتنى عندما أختار مهنة معينه في حياتى أرى مستقبل من سبقونا فيها وإلى أى مدا وصلت بهم هذه المهنه في مستقبلهم وحياتهم .
فكرى بشئ من العقل وستكتشفي ان العمر سيمر بيكى وانتى كما أنتى ولن تتقدمى خطوة واحدة ولن تتدخرى سوى السراب وسوء السمعه ولن يكون لك حياة طبيعية مثل باقي النساء الذين أختاروا الطريق الصحيح حتى لو كان مرهق ومتعب .
نظرت لها بأمتعاض وبرطمت بكلمات كلها سخرية وتركته وذهبت .
تمر الأيام والصدفة تجمعهما مرة اخرى في أحدى الشوارع وتتذكره وتذهب اليه هى بنفسها وتخبره أنها منذ المقابلة الأخيرة بينهما وهى تفكر كثيراً في كلامه ولا تستطيع أن تعمل بشكل طبيعى كالسابق .
فراح وبشكل مباشر يسألها هل تريدين عمل حلال طبيعى ؟؟.
ترد عليه بنبرة لا تخلو من اليأس وكم ساتقاضى بالمقابل ؟؟! .
يخبرها المقابل المادى قليل ولكن بركاته كثيرة ويمكن أن تجربي حتى ولو لفترة .. وإن لم يعجبك فالشارع سيظل مفتوح تستطعين العودة أليه .
وفعلا وبعد وقت من التردد وافقت .. وأخبرته أنها سوف تفعل هذا فقط من آجل أن يصدق هو انها تريد حياة طبيعية ولكن قسوة و متطلبات الحياة هى التى جعلتها تمتهن هذه المهنه وأنها متأكدة لا شيء أصبح أسمه البركة في هذه الحياة و الحياة أصبحت طاحنه ومكلفة جدا .
أستمع لها ولم يرد ..ثم ذهب بها الى إحدى محلات الملابس لأحد أصدقائه وطلب منه أن تعمل لديه الفتاة دون أن يخبره نهائياً عن ماضيها .
وتمر الأيام والسنين وتتزوج بشاب صالح وتبدأ معه مشوار كفاح طبيعي شريف .. والآن أصبحا وبالفعل يمتلكان ثلاث محلات ملابس في أرقي المناطق بالقاهرة .. وبيوتى سنتر ضخم لتجهيز العرائس وأصبحت تلقب بالحجة وتابت على يديها أكثر من عشر فتيات ليل وكلهن يعملن لديها بمنتهى الأحترام .
وفي النهاية أنا لست واعظ ولا رجل دين ولا مصلح أجتماعى .. ولكن أطلب فقط أن تفكرى لثوانى كيف سيكون مستقبلك ؟؟! .
وأعتقد أن الأمثلة في هذا المجتمع وهذه المهنه كثيرة ويمكن بنظرة بسيطة تكتشفوا أنها مهنة بلا مستقبل ولا شكل أجتماعى مشرف .
وبرغم قسوة الحياة ستظل البركة والحلال قانون دستور الرزق حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

 2,652 إجمالي المشاهدات

عن كريم صالح

شاهد أيضاً

مقال × حدوته ولاد الجاحدة

مقال × حدوته ولاد الجاحدة  بقلم / هشــام ســطوحى ولاد الجاحدة هى روايتي الجديدة من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: