مقالات ووجهات نظر

غمامة الألم 

غمامة الألم 

غمامة الألم 

كتبت/ أسماء أبو بكر

غمامة الألم

 أحيانٍ كثيرة، نجد أنفسنا محاصرين بغمامة من الألم ذلك الألم الذي يلتف حول الروح كما يلتف الضباب حول الجبال الشاهقة. نُفاجأ به وهو يداهمنا بلا سابق إنذار نبحث عن مصدره بين تفاصيل حياتنا اليومية فلا نجد إلا فراغًا يزيد من وطأته. كأنه جاء من مكان لا نراه من عتمة لم ندركها لكنه يستقر في أعماقنا يسرق منا الراحة ويتركنا نواجه الوحدة والقلق.

نشعر حينها وكأن الكون بأسره قد تألب ضدنا كل ما كان يومًا مألوفًا يصبح غريبًا وكل ما كان يبعث على الطمأنينة يتحول إلى مصدر للقلق. العالم من حولنا يتقلص تصبح جدرانه ضيقة حتى يكاد أنفاسنا تضيق معها وكأن الحياة تجرنا نحو هوة لا قرار لها.

هذا الألم قد يكون وليدًا لمشاعر مكبوتة لأحلام مهجورة أو لخيبات أمل لم يُكتب لها الفناء. تتجمع كلها في أعماقنا كعقد من الآلام المتشابكة يعجز العقل عن فك شفراته بينما يظل القلب محاصرًا بين مد وجزر هذه المشاعر التي تلف حوله شرنقة من الاحزان 

لكن وسط هذه العاصفة ثمة شعاع خافت من النور يتسلل عبر شقوق هذا الألم. إنه الأمل وإن كان ضعيفًا. الأمل الذي يهمس لنا بأن الألم مهما كان شديدًا ليس إلا مرحلة. مرحلة ستعلمنا شيئًا عن أنفسنا وستقودنا إلى دروب جديدة لم نكن نعرفها.

حين نسمح لأنفسنا بأن نشعر أن نواجه هذا الألم دون خوف أو تردد نصبح قادرين على استكشاف أغواره. قد نجد فيه شيئًا يعيد ترتيب أولوياتنا أو يفتح لنا أبوابًا جديدة نحو فهم أعمق لذواتنا. الألم رغم قسوته هو أيضًا معلم يعلمنا الصبر يعلمنا الشجاعة ويعلمنا كيف نلتئم بعد كل انكسار.

في النهاية قد لا يكون الألم سوى رسالة دعوة لنعيد اكتشاف أنفسنا وسط هذا الصخب. ومن خلال مواجهته قد نجد في داخلنا قوة لم نكن نعلم بوجودها قوة تمكننا من النهوض من المواجهة ومن الاستمرار في السير نحو النور حتى في أحلك اللحظات.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى