جريدة المساء العربي جريدة المساء العربي
مقالات مشابهة
بين اليقظة والصدمة في شوارع تونس
بقلم الكاتبة التونسية – د. عفاف الحجاجي
بين اليقظة والصدمة في شوارع تونس
صواريخ تقطع الشرايين هناك والام تخيط بعضها هنا بالزحف نحو الساحات لم يبقى لا طفل ولا شاب ولا شيخ لم يخرج من بين جدران بيته أو مكتبه ليلتحق بكل القلوب الموجوعة الصارخة بأنه لا الاه الا الله والشهيد حبيب الله كل المدن التونسية انتفضت ولم تنم ليلة الفاجعة التي تلتها الفاجعة تلوى الأخرى، والى حد هذه الساعة ما زالت الطرقات تعج بالحناجر المجروحة.
تشتت فكر الباحث وارتجف قلم المدرس وثقل معول العامل. فالصدر مليء بالآهات والذاكرة تكدست بها صور أبكت العيون وصدمت الإنسانية.
انطلقت الأمور بوقفات احتجاجية انتقل بعدها الكل نحو السفارة الفلسطينية ثم الى أهم شارع بالعاصمة.
هناك اختلط الأسود الذي يرتديه المحتجون بألوان علم فلسطين الذي يلازمه علم تونس.
هناك كان كل هتاف مدوي يذكرك برؤوس الأطفال المقطوعة، بالأشلاء المكدسة والمترامية في كل مكان. هناك رفعت دمية ملطخة بالدماء ذكرتنا بأنه هناك رضع ماتوا وهم لم يعوا بعد معنى الحياة. رضع طاروا بأجنحة الملائكة نحو السماء ولم ينطقوا بعبارات ماما أو بابا.
هناك كل أم تذكرت أمهات غزة كيف يبحثن عن جثث فلذات أكبادهن فقط لضمة الوداع.
كل أب تذكر كيف يهيم اباء غزة وعلى أيديهم أجساد أبناءهم المفارقين الحياة باحثين عن إخوانهم وأخواتهم.
كل طبيب وممرض تذكر كيف تحول أطباء وممرضي غزة لذكرى أطباء وممرضين في لحظات جريمة نكراء.
كل تونسي يعلم أن للحرب وجعها، لكن هذه الأخيرة التي دمرت الفلسطينيين ودمرتنا لم يفقه وجعها.
وجع وألم فاقا حدود الادراك حتى خرج الكل من بين اليقظة والصدمة الى الشوارع وأعلن الحداد.
457 إجمالي المشاهدات
