جريدة المساء العربي جريدة المساء العربي
مقال× حدوته أبناء نـوح – الجزء الثالث
بقلم / هشام سطوحى
وبرغم أنه لا ينتمى لأى ديانة من الثلاثة أو حتى له معتقدات دينية من الأساس كان عليه أن يدرس ويتفحص في الأديان الثلاثة ليكون هو مصدر الأولاد في تعليم أصول دينهم ،
وفي مجتمع مصري ربما لا يوجد صعوبة مع الأبن الذي يعتنق الديانة الإسلامية أو المسيحية لوجودهما في مجتمع به الديانتين ، ولكن الصعوبة كانت في الديانة الثالثة اليهودية ،
والتحدي الحقيقي هو العيش بسلام بين ثلاثة أديان لا يتقبلون بعضهم بحكم الموروث وطريقة التربية التي تغذي وتنمى الكراهية وعدم الإعتراف وقبول الآخر ، ولكن الشيء الإيجابي أن عقول الثلاث اطفال ميموري لازال خالى من الكراهية والحقد .
وبدأ في دراسة الأديان الثلاثة بمنتهى العمق والتركيز والتدقيق ، وكان في قمة دهشته وتعجبه أنه لم يجد نص صريح مباشر واضح يحض على عدم قبول الآخر أو معاداة الطرف الآخر وأن جميع الأديان تدعو إلى السلام
والتأخى والمودة والحب ومعاملة الآخر بكل طيب وأن الأديان الثلاثة تؤمن بإله واحد حتى لو أختلفت طريقة العبادة وأسلوب الحياة والمعتقدات ،
وهنا كان يدور في ذهنه سؤال واحد ، لماذا كل هذه الكراهية و الحروب والاختلافات ؟؟!
تمر عشر سنوات وهو مُسخر نفسه لأبنائه الذين أصبحوا في سن المراهقة وصنع لنفسه معهم عالم خاص ليس منغلقين على المجتمع المحيط ولكن كان حريص أن يتعامل أبنائه بمنتهى الحدودية مع الآخرين وجعل سر الأديان بينهم فقط .
وكان متأكد أنه مضطر في يومًا ما أن يجيب عن تساؤلات أبنائه عن سبب هذه التركيبة العجيبة في منزل واحد ؟؟! .
ولا أخفي عنكم أن نوح تأثر من فحصه و تدقيقه في الأديان الثلاثة بل أصبح معتنق ديانة من الثلاثة ولكن أخفي وبشكل نهائي ميوله ومعتقداته عن أبناؤه نهائيًا خوفًا من تأثرهم به ، وظل يعلم الثلاثة بنفس المقدار والأسلوب ،
يختار لهم الكتب الدينية المعتدلة من كل ديانة ، والتي بها أصول كل دين الذي مبنى على المعاملة والتسامح والمحبة والسلام و الود بين الجميع.
ولك أن تتصور في منزل واحد يوجد ثلاث غرف إذا دخلت الأولى تجد سليمان اليهودي يقوم بصلاته و طقوسه اليهودية وعلى رأسه كيبا (الطاقية) ،
ثم تدخل الغرفة الثانية تجد يوسف وهو يقوم بطقوسه وصلاته المسيحية ، ثم الغرفة الثالثة ترى إبراهيم ممسك بمصحفه وهو على سجادة الصلاة يقرأ القرآن الكريم.
وينتهى الثلاثة ويخرجون و يتجمعون على مائدة طعام واحدة مع نوح وتجد العلاقة بينهم علاقة أخوة بمعنى الكلمة و أتحداك أن تستطيع أن تكتشف أنهم ليسوا أخوة من طريقة معاملتهم مع بعضهم ومن أسلوب الحوار بينهم.
حتى المشاكل التى تعودنا عليها من الأخوة مثل تبديل الملابس وسرقتها من بعضهم أحيانًا إتهام الاب أنه يميل لواحد منهم عن الأثنان حتى وصل المحبة بينهم و الود أن إبراهيم المسلم كان يغيظ أخواته أنه الوحيد
الذي يستطيع أن يتزوج أربعة نساء في وقت واحد ويرد عليه يوسف انه يستطيع أن يأكل جميع أنواع اللحوم حتى لحم الخنزير ، بينما سليمان يخبرهم وكأنها ميزة ، أنه لن يتزوج مصرية لعدم وجود يهوديات .
كل هذه الحوارات في إطار من الفكاهة والمرح والضحكات بينهم ، مثل ثلاث اخوة في بيت واحد ، (مثال تقريبي للعلاقة بينهم) كل واحد يشجع فريق ،
مثل الأهلي والزمالك و الإسماعيلي فى مصر ، والاتحاد والهلال والنصر في السعودية أو حتى فرق عالمية ، شجع و انتمى ولكن لا تقلل من الآخر أو تحتقره ،
علاقة ليس بها أى شئ من التشدد و الضغينة ولكن تجد كل الأحترام للأخر في معتقداته وطريقة عبادته ، لا تجد بينهم حوار من نوعية أنا الأفضل أو الأحسن أو الأصح .
كان المنزل يحتفل بجميع الأعياد للأديان الثلاثة ، مثل عيد الغفران عند اليهود وعيد القيامة والميلاد عند المسحيين وعيد الفطر وعيد الأضحى عند المسلمين.
تمر الأيام والسنين حتى جاء يوم المنتظر …..تابع
مقال× حدوته أبناء نـوح – الجزء الثالث
