أليست الدنيا دار امتحان

أليست الدنيا دار امتحان

أليست الدنيا دار امتحان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 9 نوفمبر

أليست الدنيا دار امتحان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، لقد جاءت رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سهلة ومُيسرة في جميع أحكامها وأحوالها، ولم يصبها ما أصاب الرسالات السابقة من الآصال والأغلال المفروضة عليهم بسبب ظلم كثير من أتباعها، وجحودهم، وتلكئهم عن الاستجابة لأنبيائهم، فعاقبهم الله تعالى بالتشديد عليهم في كثير من التشريعات، فأصبحت شاقة، وثقيلة، وقد ابتدع كثير من الأحبار والرهبان تشريعات وأمورا من تلقاء أنفسهم، فيها العنت والمشقة على الناس، ولقد جاءت رسالة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مُعلنة التيسير في كل وجه من وجوهها.

وقد تكررت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى التيسير من خلال أحاديثه الشريفة إلى التيسير بل تجد مشاهير الصحابة من المحدثين يرون أحاديث التيسير مثل جابر بن عبد الله وأبي هريرة ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين، فالله تعالى لم يبعث نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ليضيق على الناس ويدخل عليهم المشقة ولم يأمره بذلك، ولم يتكلفه هو من قبل نفسه إذن التيسير من أبرز مقاصد ومعالم بعثته صلى الله عليه وسلم للناس، وإن الحظوظ موزعة في الدنيا وهو توزيع ابتلاء، فأي شيء أنت فيه من نعمة هو مادة امتحانك مع الله عز وجل، وأي حرمان حرمك الله إياه، فإن الحرمان نفسه هو مادة امتحانك مع الله سبحانه وتعالى، فأنت ممتحن مرتين.

ممتحن فيما أعطاك الله، وممتحن فيما لم يعطك الله عز وجل، أليست الدنيا دار ابتلاء ؟ وأليست الدنيا دار امتحان ؟ وأليست الدنيا دار عمل ؟ وأنت في الدنيا ممتحن، فهذا الذي آتاه الله مالا كيف اكتسبه ؟ وكيف أنفقه ؟ وماذا فعل به ؟ وهل سخره في خدمة الحق أم في خدمة الباطل؟ وهل أنفقه إسرافا وبدارا، أم أنفقه باعتدال كما أمر الله عز وجل ؟ وهل بذر وأسرف أم أنفق في الحلال الذي يرجو به رضا الله عز وجل؟ إذن هذه الحظوظ التي آتاك الله تعالى إياها إنما وزعت في الدنيا توزيع ابتلاء، فأنت مُبتلى بمعنى ممتحن فيما آتاك الله، وممتحن فيما لم يؤتك، أي إذا لم يؤتك الله المال، هل وجب عليك أن تأخذه من طريق غير مشروع ؟ وهل تتعفف أم تتأسى ؟ وهل تتجمل أم تشكو حظك العاثر لكل إنسان ؟ وهل تأخذ مالا حلالا أم تأخذه حراما؟

وهكذا فإن مادة امتحانك مع الله ما آتاك الله تعالي، ومادة امتحانك مع الله ما لم يؤتك الله عز وجل، فلذلك الحظوظ توزع في الدنيا توزيع ابتلاء، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء، وإن الآخرة لا نهاية لها، فلعل الذي عانى الفقر في الدنيا يسعده الله في جنة عرضها السموات والأرض إلى أبد الآبدين، ولعل الذي أترفه الله في الدنيا وأنفق المال في معصية الله يشقى بهذا الإنفاق المنحرف إلى أبد الآبدين، فلذلك حينما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي الكريم قال ” يا محمد أتحب أن تكون نبيا ملكا أم نبيا عبدا ؟ قال صلى الله عليه وسلم” بل نبيا عبدا، أجوع يوما فأذكره وأشبع يوما فأشكره” ولعل الوضع الثاني أقرب إلى العبودية من الوضع الأول، وأن من العلاج هو الإيمان بالتعويض، فإن الله سبحانه وتعالى يعوض على المؤمن في الآخرة ما فاته من الدنيا.

 

أليست الدنيا دار امتحان

 519 إجمالي المشاهدات

عن هند معز

شاهد أيضاً

أكتفي

أكتفي د.إسراء محمد عبد الوهاب  أكتفي أكتفي ، إلى هنا أتوقف عن المحاولة من التفكير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: