غير مصنف

قلوب تتغافل وعيون تنسى

كتب/ عماد السعدني

قلوب تتغافل وعيون تنسى

بقلم / عماد السعدني 

كعادتي المُنفردة جلسُت في شرفة غُرفتي المُفضلة مع جليسي الوحيد وهو فنجان القهوة الخالي من السُكر ، أخذني الحنين إلى أشياء كانت تبدو لي الحياة في زمن ما ،

وإذن سرحُت بخيالي وأنا أنظر وأتأمل في السماء الصافية ونسيم الخريف يهفُو بروائح المطر الذي تنهمر إلى فؤادي وتارة ترجفه وأخرى تلهمُه للإشتياق وما ذنب القُليب من هذا وذاك !! .

تذكرنا سويًا أحداثًا وتقاسمنا الفرحة والسرُور والحُزن أيضًا معا ، حدثني الفُؤاد عن أشياءٍ كان يَعيشُها وهو في خريفُه مُبتسمًا مُتبهجًا من لوعةُ الشوق والحنين ،

كان يبدُو عليه الثرثرة بكُل ما بداخله وأنا مُستمع له جيدًا ، لا أُريد أن أقطع عليه حبل الوريد الذي يضخ داخله كل ماهو جميل ، يا له من قلب مُتغافل !! .

وبدأ الحَكي وكأنها حكايات من ألف ليلة وليلة وأنا أرتشف فنجان قهوتي المسائية ، يُذكرني بما كانوا أحباب وكأنهم مازالوا عُشاقه !

يُحدثني عن لهيبه المُنهمر وكأنه البائع ! يقول ياله من لوعة القُرب وكأنه الذي فارق ! يُحاكيني عن الحرمان وكأنه الجافي ! يَعلُو صوته لما هذا حدث وكأنه البادي ! .

وفجأة عم عليه السكُوت والسكون ومازلُت أنا مُشفق عليه ، فكم هو بهذا القدر ساذج ! أليس من سقاه المُر همَ أحبابه أو من يَظُن إنهم أحباب ، فدعني ياعزيزي أسرد لك جُزء من الحكاية ،

الحبيب لا يخون ولا يغدر ولا يُفارق فمن فعل هذا فهو گـ اللِص من البداية ، فالسارق ليس فقط من يسرق منك قطعة من الذهب ولا قنطارًا من الحرير ولا صُرة من الدنانير ! .

السارق ياعزيز هو من يسرق روحك الطاهرة فيلوثها ، ومن يسرق قلبك ليقتلُه ، ومن يسرق إبتسامتك ليُطفُئها ، ومن يسرق سعادتك ليُحزنها ،

ومن يسرق ليلُك ليأرِقُه ، ومن يسرق نهارك ليُعتمُه ، ومن يسرق أيامك ليلهُو بها ، ومن يسرق يسرق جسدك لُيشوهُه ، ومن يسرق عُمرك حتى يفنيه ، أرأيت هذا الكم الفارق بين هذا وذاك ! . 

وإذن أحس القلب بغصة وكأنه لا حيلة له ولا حول له ولا قوة ، أحسست بأنه تمنى أن يكون له ذراع حتى يكتمل به شفتاي لِتكف عن هذا الحديث معه !

فحقًا عم عليا السكُوت والسُكون مثله كما حدث فهو ليس له مأوى غيري ، ونَسيُت فنجاني وإلتفُت له لأكمل تذوقه فخانني شدة الخريف وأثلجه ، فلا لوم على الفُواد فأصبحت مثله أيضًا مُتغافل ، وللحديث بقية .

 

قلوب تتغافل وعيون تنسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى